الأربعاء، 5 يوليو 2017

موقع كشف المستور الاخبارى ألف مفتش و2500 لجنة و3 أجهزة رقابية تفشل فى حماية المستهلك

انفلات الأسعار فى الأسواق المصرية بات واقعاً مريراً يدفع ثمنه ملايين المصريين فى غياب الجهات
الرقابية وجشع معدومى الضمير.. والكل يسأل أين مفتشو التموين؟ أين مباحث التموين؟ أين الحكومة؟ نشتكى لمين؟
فى مصر 13 ألف مفتش تموين و2500 لجنة لتحرير المخالفات.. لا نعلم أين ذهبوا؟ وما دورهم الآن فى مراقبة الأسواق وإعادة الانضباط لها؟
والآن بات المصريون محاصرين بين قرارات اقتصادية شديدة القسوة من قبل الحكومة من جهة وبين جشع التجار ومغالاتهم فى الربح «الحرام» من جهة أخرى.
الكارثة الآن أن الدولة تشرع ولا تراقب وتصدر القرارات ولا تعمل على ضبط الأسواق، من هناك فإن النتيجة تكون مضاعفة على الفقراء ومحدودى الدخل فى غياب الأجهزة الرقابية.
أسعار السلعة الواحدة تتفاوت فى السوق الواحد بين بائع وآخر.. الكل يبيع حسب هواه ويحدد ربحه وفقاً لرؤيته الشخصية وحاجة الناس لما يبيع دون وازع من ضمير أو خوف من رقيب.
وبعد أن كان مفتش التموين يمثل «عزرائيل» للتجار والباعة يرتجفون عند سماع اسمه تغيرت المعادلة ونادراً ما تخط قدماه السوق للرقابة والمتابعة ليحل محله «الخط الساخن» الذى دائماً خارج الخدمة أو لا يرد.. ليواجه المواطنون مصيرهم ويقضون يومهم «كعب داير» بحثاً عمن يبيع بسعر أقل.
وهناك أجهزة رقابية أخرى مسئولة عن مراقبة الأسواق، منها مباحث التموين، وجهاز حماية المستهلك، وجهاز الرقابة والتوزيع.. تلك الأجهزة الحيوية والهامة التى يثق الشعب فى نزاهتها، إلا أنها تقاعست عن القيام بدورها فى حماية الأسواق من جشع التجار وإعادة الانضباط إليها.
أعطى القانون لمفتشى التموين حق الضبطية القضائية وتحرير المحاضر والتحفظ على العينات من السلع المحرزة، ومراقبة الأسعار، وكشف حالات الغش التجارى.. مما يكشف العشوائية والفوضى التى يقوم بها المفتشون المعنيون بالمتابعة والتفتيش على 26 ألف مخبز حكومى.. و5 آلاف آخر سياحى.. و34 ألف مصنع.. و8 ملايين سوق مرخص.. وأكثر من 100 ألف محل تجارى، كلهم يخضعون لمراقبة مفتشى التموين، ويتلاعبون أيضاً بأهم السلع وهى «العيش، والألبان ومنتجاتها، والفواكه والخضراوات، والبقوليات، وأسطوانات الغاز، واللحوم الحمراء والبيضاء».
«الوفد» قامت بجولة داخل الأسواق، حيث التقينا عدداً من أصحاب محلات السلع الغذائية بمناطق الدقى والجيزة، قال الحاج ممدوح عطا الله، صاحب محل بقالة بمنطقة الدقى: «بعض مفتشى التموين يقومون بتحرير محاضر (مفبركة) ضد التاجر، عندما يمتنع عن دفع «المعلوم» سواء كان مادياً أو سلعياً، لخدمة مصالح التجار الجشعين أو المحتكرين للسلع والخدمات، لزيادة الأسعار على مزاجهم، مما يشكل أعباء إضافية على كاهل المواطنين، وطالب المسئولين بوزارة التموين بتفعيل القانون الرادع ضد هؤلاء المتلاعبين بأقوات الشعب، ومحاسبتهم بشكل عاجل، وحماية المستهلكين والتجار على حد سواء.
وقال هانى الهوارى، صاحب محل سلع غذائية بمنطقة الجيزة: «مافيا المفتشين تفتح أبواب الفساد والرشوة بأشكالهما المتنوعة، وهناك شواهد كثيرة على تجاوزاتهم وانحرافاتهم الوظيفية، وأتمنى الإبلاغ عن كل عنصر فاسد فى وزارة التموين من المرتشين والمرتزقة، ويحول بعد ذلك، إلى النيابة العامة، للتحقيق عن مخالفاتهم».
فيما طالب يحيى محمود، بتوفير رقابة وإشراف مستمر على المفتشين من جانب وزارة التموين حتى يمكن محاسبة المتلاعبين بأقوات المواطنين البسطاء.
وأشار عزت عوف، إلى ضرورة إحداث تغيير جذرى على منظومة مفتشى التموين لعملهم، حتى يمكن تطوير الأداء فيها، وتحسين عملهم الخدمى بشرط توافر الشفافية فى عملهم، وضبط المخالفات والتجاوزات، ومحاسبة المرتشين.
وأكد رضا نصر، بقال تموينى، أن بعض مفتشى التموين يتبعون أسلوباً رخيصاً مع البقالين، حيث يفرضون إتاوة شهرية 100 جنيه على كل مكتب ومن يرفض يحرر محضر مخالفة له لأى شىء أبسطها إساءة تخزين السلع، ويشكو «رضا» أن البقالين يحصلون على حصة تموينية شهرية من الوزارة بعدد الأفراد المقيدين فى الدفاتر لدى «البدال» ولكن فى بعض الأحيان تتراكم تلك البضائع داخل المحل فيأتى المفتش ليأخذ من تلك البضائع التى فى النهاية سيتم حسابها فى نهاية السنة وهذا يعنى أننى سأقوم بدفع قيمة السلع التى يحصل عليها بدون وجه حق.
أحد مفتشى التموين تحدث لـ«الوفد» ورفض ذكر اسمه قائلاً: هناك تعليمات من الوزارة بعدم التحدث مع وسائل الإعلام، مؤكداً حذف الكثير من صلاحيات مفتشى التموين منها حينما كان يكتشف مفتش التموين مخالفة كان يحررها فى وقتها دون انتظار اللجنة التى تم استحداثها وهى خاصة بعمل المحاضر ولا يمكن تحرير المخالفة إلا فى وجودها، وهنا يسهل على التاجر أو البائع المخالف التهرب من المخالفة، وقال إن «العقبة الثانية» التى تقف أمام مفتش التموين هى عدم وجود أجهزة اتصالات بين اللجنة والمفتش.
وأضاف أن عدد المفتشين الذين يحق لهم الضبطية القضائية 750 فقط، أما الباقون فيكونون فى انتظار لجان تحرير المحاضر والبالغ عددها 2500 لجنة، والقانون لا يردع أحداً فى الوقت الحالى، فالقانون رقم 95 لعام 1945 الذى ينص على غرامة تلحق بالمخالف تقدر من 50 إلى 200 جنيه، فهى غرامة ضعيفة ولا تعمل على ردع المخالف، وكانت الغرامة وقت إصدار القانون رادعة لصعوبة تسديد المبلغ، أما الآن فالمبلغ هزيل ويكاد يحصل عليه المفتشون أصحاب النفوس الضعيفة شهرياً دون الدخول فى مشاحنات مع البائعين.
حمدى عرفة، خبير التنمية المحلية أكد أن مصر بها 27 محافظة بكل منها مديرية للتموين وداخل كل واحدة منها إدارة للتفتيش وهذه الإدارة تنقسم إلى مفتشين مختصين باللحوم والخضراوات وحتى الملابس ولكل مفتش تخصصه، وهؤلاء يعمل إلى جانبهم 33 جهازاً رقابياً أخرى ومع الأسف عاجزون عن فرض سيطرتهم على الأسواق بسبب ضعف العقوبة حيث تتراوح الغرامة ما بين 50 و200 جنيه، إلى جانب أن المخالفات التى يتم رصدها داخل المحلات والمخابز لا ينفذ ضدها إجراءات التشميع والإغلاق.
وأكد خبير التنمية أن هناك محافظات بها 15 مفتشاً فقط تجد منهم 5 يعملون ليلاً، بالإضافة إلى ضعف رواتبهم حيث لا يتعدى مرتب مفتش التموين مبلغ 3 آلاف جنيه بعد سنوات خدمة 20 عاماً، وهو ما يجعل بعضهم يلجأ إلى عمل إضافى أو يتجه إلى طرق ملتوية للحصول على أموال ليست من حقه.
المستشار العربى أبوطالب، رئيس جمعية مفتشى تموين مصر تحدث لـ«الوفد» قائلاً: «لا نعيش فى الجنة، فهناك الصالح والطالح فى كل مكان وهناك عوامل وآليات لم تهتم بها الدولة على رأسها مرتبات مفتشى التموين، مضيفاً: بعد سنوات الخدمة يحصل المفتش على راتب هزيل، إلى جانب أن القانون لم يعط للمفتش الحماية فليس من حقة حمل السلاح، ولا ننكر أن هناك تجاراً وبائعين يمارسون أعمال البلطجة على من يرصد مخالفتهم. إلى جانب أن الوزارة لا تهتم بعمل المفتشين فلا يصرف لهم ورق أو أقلام لكتابة المخالفات وتجعلنا نعمل بطرق بدائية.
ورد «أبو طالب» على من يدعى تعرضه لعمليات ابتزاز من المفتشين قائلاً: هناك إجراءات معروفة فلا يوجد مفتش يعمل بمفرده إلا فى وجود لجنة لرصد المخالفات ويكتب المحضر بعد رصد المخالفة وكشف اللجنة للمخالف عن هويتها، إلى جانب أن المحليات ساعدت على إساءة سمعة مفتش التموين من خلال الحصول على سلع وإكراميات باسم مفتشى التموين.
وأكد «أبوطالب»، أن المفتش مظلوم فى الوقت الحالى فهو لا يستطيع شراء مستلزماته المنزلية من داخل الحى الذى يسكن به حتى لا يتم تصويره بالكاميرات واتهامه بأنه يتقاضى رشاوى، وطالب العربى برفع المستوى المعيشى للمفتشين من خلال توفير مرتبات لائقة لهم تكفيهم، وتطبيق الحافز على المفتشين الذين يعملون على عودة ملايين الجنيهات لخزانة الدولة من خلال المحاضر المضبوطة.

وقائع فساد التموين
وقائع فساد لبعض مفتشى التموين لا تنتهى، حيث سجلت أعلى معدلات فساد داخل وزارة التموين الأشهر الماضية بـ67 قضية كان أشهرها:
القضية الأولى فى يوم 29/1/2017 الماضى بنيابة بنى سويف تم حبس كل من «معروف. س. م» و«إيهاب. ش. ف» مفتشى تموين 15 يوماً على ذمة قضية لا يزال يتم التحقيق بها، بتهمة التلاعب فى حرز سكر يباع للجمهور وتغيير إجمالى سعر البيع من 30 ألف جنيه إلى 3 آلاف جنيه.
القضية الثانية: القبض على مفتشين أثناء تهريب عدد 98 أسطوانة غاز بوتاجاز للبيع بالسوق السوداء، وذلك بمنطقة الوايلى والمطرية فتم على الفور القبض عليهم متلبسين.
القضية الثالثة: كشفت لجنة من مديرية التموين بمحافظة البحيرة، الاستيلاء على مبلغ 3٫5 مليون جنيه من خلال عمليات صرف وهمية بالتواطؤ بين عدد من مفتشى التموين وأصحاب المخابز والتلاعب فى عدد الأرغفة بموجب الكارت الذهبى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق